"حفنة أرز ونظرة شكر".. القصة الأخيرة للطفل أمير قبل أن يسقط شهيداً في غزة

"حفنة أرز ونظرة شكر".. القصة الأخيرة للطفل أمير قبل أن يسقط شهيداً في غزة
معاناة الفلسطينيين أمام مراكز توزيع المساعدات في غزة

في شهادة تفيض وجعًا ولا تُنسى، روى الجندي الأمريكي السابق أنتوني أغيلار تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة الطفل الفلسطيني "أمير" الذي لامس قلبه قبل أن تخطفه رصاصة إسرائيلية بدمٍ بارد في قطاع غزة أمام أحد مراكز توزيع المساعدات.

أمير، الصغير الذي أنهك الجوع جسده النحيل، قطع حافي القدمين 12 كيلومترًا تحت شمس غزة الحارقة، لا لشيء إلا ليحصل على حفنة أرز وعدس تُبقيه على قيد الحياة، وفي لحظة إنسانية خالصة، اقترب من الجندي الأمريكي الذي كان يوزع الطعام، وضع أغراضه على الأرض، قبّل يده وقال له: "شكراً"، بلغة لم يتقنها، ثم عاد يحمل أمله الهش إلى الحشد.

لم يمضِ وقت طويل حتى دوّى الرصاص وأُطلقت قنابل الغاز، ليسقط أمير قتيلًا قبل أن يكمل حلمه الصغير في وجبة تسد رمقه، قال أغيلار: "أمير لم يكن مجرد طفل، كان في عينيه عمرٌ أكبر من سنواته.. حملت نظراته حزنًا لا تسعه الكلمات".

غضب وقهر

الجندي الذي استقال لاحقًا من عمله الإنساني في قطاع غزة، لم يخفِ غضبه وقهره مما رآه؛ آلاف المدنيين يتضورون جوعًا، أطفال يتقاتلون على فتات، وعائلات لم يعد لها سوى الرمل والدموع، لكنه أصر أن ما هزّه حتى الأعماق هو قسوة الجنود الإسرائيليين: "لقد أطلقوا النار على مدنيين، دمروا مركبات تقل عائلات، وقصفوا الحشود بقذائف الدبابات والهاون.. كل ذلك بلا أي تمييز".

في حديثه لقناة "بي بي سي"، قال أغيلار بصوت يختنق بالألم: "بصفتي جندياً محترفاً، يمكنني القول إن ما رأيته هو جرائم حرب مكتملة الأركان.. لم أشهد قط استخداماً لهذه الوحشية العشوائية ضد أناس لا يملكون إلا الجوع والخوف".

واختتم شهادته: "خدمت في مناطق نزاع كثيرة حول العالم، لكنني لم أرَ مثل هذا في أي مكان سوى غزة.. كان ذلك اليوم كغيره في غزة، سوى أن الموت جاء أسرع".

ظروف كارثية

منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، يعيش أكثر من مليوني إنسان في ظروف تُوصف بأنها كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحت الحصار الخانق ونقص الغذاء والدواء والماء والكهرباء، أصبحت أبسط ضروريات الحياة رفاهية نادرة، وأضحى الجوع والمرض والخوف شركاءً يوميين لكل أسرة.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية المتكررة في تدمير أحياء بأكملها، ودفعت مئات الآلاف للنزوح إلى مخيمات مؤقتة لا تقيهم حرّ الصيف ولا برد الشتاء، والمستشفيات أُنهكت حتى العجز، وأصبحت عاجزة عن استقبال الجرحى أو توفير العلاج، في حين حُرم الأطفال من التعليم والأمان وحتى فرصة اللعب كبقية أطفال العالم.

وتحت هذه الظروف، تحوّلت الحياة في غزة إلى صراع يومي من أجل البقاء. قصص مثل قصة الطفل أمير الذي سقط شهيداً وهو يبحث عن طعام، ليست استثناءً بل هي صورة مصغّرة لمأساة شعب بأكمله يُحاصَر بالموت والجوع والخذلان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية